هي آمنة بنت محمد حسين عبدالله الحبشي. ولدت نحو العام 1844م في
مدينة سيئون بمحافظة حضرموت، وفيها تلقًّت معارفها الأولى، ثم عُرفت في
أهلها بعقلها المتفتح على حب العلم، وظلت تستزيد من بحور العلوم والآداب
حتى اشتهرت بسعة اطلاعها وشغفها الكبير بالقراءة والكتابة وحلقات العلم.
تزوجت من الشيخ العالم علي علوي السقاف الذي عُرِف بـ "صاحب الحاشية
على كتاب فتح المعين في فقه أحكام الدين". وقد أنجبت له ولدًا أنشآه على حب
العلم وعشق المعرفة. هاجرت هذه الأسرة الصغيرة إلى تركيا التي كانت بلد
الخلافة يومها، واستقرت في اسطنبول عاصمة الدولة العثمانية. وهناك عملت
آمنة الحبشي في تنوير الفتيات بالعلوم الدينية والفنون الأدبية، وكانت لها مكانة
مرموقة كعالمة فقيهة محدثة، في الوقت الذي كان زوجها قد وجد له مكانة طيبة
في مجالس العلم التي كان للعلماء العرب يومها الصدارة فيها.
هزَّها الحنين إلى الوطن والأهل بعد عدة سنوات من الغربة، فعادت وزوجها
ونزلت عند بعض الأهل في مدينة الحوطة (عاصمة السلطة العبدلية يومها)،
غير أن الأجل المحتوم كان على موعد مع الشيخ علي علوي السقاف في تلك
المدينة.
لم يطب لها العيش في بلد مات فيها زوجها ودُفن، فقررت العودة إلى
تلميذاتها ومجلس علمها في اسطنبول.
وأثناء ذلك اندلعت الحرب العالمية الأولى التي أطاحت بالدولة العثمانية
والخلافة الإسلامية، وإثر اندلاعها بنحو عام أسلمت آمنة الروح ودُفنت في
إحدى مقابر اسطنبول في 1915م.